أوكرانيا.. كارثة انهيار سد كاخوفكا قد تستغرق عقودا

بعد تعرض سد نوفا كاخوفكا على نهر دنيبرو جنوب أوكرانيا للتدمير، الثلاثاء، انتكبت الكثير من المناطق المبنية على ضفاف النهر، واجتاحتها المياه المتدفقة من خزان السد، وقد يستغرق التعافي من هذه الكارثة عقودا من الزمن، وفقا لتحليل مطول نشرته صحيفة “الغارديان”.

 

ويواجه الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المحاذية للسد على طول نهر دنيبرو الأوكراني عواقب مباشرة لانهياره، وقد فروا بحثا عن الأمان بكل ما يمكنهم إنقاذه، ولكن التأثير الأوسع لذلك قد يمتد لأجيال.

 

وفي اتجاه مجرى النهر، سيخف الفيضان إلى حد ما مع وصول المياه إلى البحر الأسود، لكن العديد من القرى والبلدات على طول نهر دنيبرو قد لا تكون صالحة للسكن مرة أخرى، حيث جرفت الآلاف من المنازل، بالإضافة إلى عدد كبير من الحيوانات الأليفة والبرية.

 

وغيرت الكارثة البيئية الناجمة عن الفيضان المشهد الطبيعي في لحظة بسبب المياه والطمي، مما أدى إلى القضاء على الجزر والأراضي الرطبة. وقد يستغرق الأمر سنوات إن لم يكن عقودا حتى تعود الحيوانات والنباتات إلى طبيعتها.

 

ووصف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الحادث بأنه “أكبر كارثة بيئية من صنع الإنسان في أوروبا منذ عقود”.

 

وبخزان يبلغ 18 مليار متر مكعب، كان نوفا كاخوفكا أحد أكبر السدود من حيث السعة في العالم، وفقا لمحمد حيدر زاده، المحاضر الأول في قسم الهندسة المعمارية والهندسة المدنية في جامعة باث في المملكة المتحدة. وكان أكبر بـ 90 مرة من أكبر خزان سد في بريطانيا، وهو سد كيلدر في نورثمبرلاند.

 

وقال حيدر زاده “من الواضح أن انهيار هذا السد سيكون له بالتأكيد عواقب بيئية سلبية واسعة النطاق وطويلة الأمد ليس فقط لأوكرانيا ولكن على البلدان والمناطق المجاورة”.

 

خطر الألغام

 

وبالإضافة إلى الحطام الذي تحمله المياه المتدفقة، هناك عشرات الآلاف من الألغام تدفقت مع مياه الفيضان عبر خط المواجهة في الحرب. وكانت ضفاف نهر دنيبرو تعتبر من الخطوط الأمامية منذ نوفمبر الماضي على الأقل، عندما دفعت القوات الأوكرانية الروس عبر النهر إلى الضفة الجنوبية. وقام الجانبان بزرع الألغام بمحاذاة النهر وتم جرفها الآن وانتشرت بشكل عشوائي في البلدات والقرى والأراضي الزراعية في اتجاه مجرى النهر.

 

ومن المتوقع حدوث ندرة في المياه إثر انهيار السد. ومع فقدان الخزان فذلك يعني أنه سيكون هناك القليل من مياه الشرب والري للمناطق المتضررة، وسيكون لذلك تأثير مباشر على إنتاج الغذاء، وعلى صادرات القمح والذرة وزيت عباد الشمس وفول الصويا إلى بقية العالم.

 

وخزان كاخوفكا “كان قلب أحد أكبر أنظمة الري في أوروبا”، ومياهه “جعلت من الممكن زراعة ما يصل إلى 80٪ من جميع الخضروات في أوكرانيا ونسبة كبيرة من الفاكهة والعنب”، وفقا لمركز البحوث الزراعية “إيستفروت”.

 

“أكبر حادثة”

 

وقال مسؤول أممي إن الأمم المتحدة وشركاءها وسعوا نطاق عملياتهم لمعالجة آثار تدمير سد كاخوفكا الأوكراني وإن الاستجابة الطارئة جارية الآن لتوفير المساعدات العاجلة لنحو 16 ألف شخص.

 

وجاء ذلك في إحاطة قدمها، مارتن غريفيث، منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة لأعضاء مجلس الأمن الدولي في جلسة عقدت، الثلاثاء، استجابة لتدمير السد.

 

وقال غريفيث إن ما لحق بسد كاخوفكا قد يكون أكبر حادثة تدمير لبنية أساسية مدنية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.

 

وأضاف أن حجم الكارثة سيتضح بشكل كامل في الأيام المقبلة، وإن كان من الواضح أنها ستخلف عواقب جسيمة وواسعة على السكان في جنوب أوكرانيا، بسبب فقدان المنازل والغذاء والمياه الآمنة وسبل كسب الرزق.

 

وأكد أن معاناة الشعب الأوكراني ستتفاقم بسبب هذه الحادثة، وأضاف: “من المتوقع أن تزداد الاحتياجات الإنسانية الفورية مع تقدم اجتياح مياه الفيضان خلال الأيام المقبلة ومع مواصلة تقييم الوضع. إن السد مصدر رئيسي للري الزراعي في جنوب خيرسون وشبه جزيرة القرم. الفيضانات (…) ستعطل أنشطة الفلاحة وتدمر الماشية ومصايد الأسماك وتخلف عواقب طويلة الأمد”.

 

ووصف غريفيث الحادثة بأنها ضربة هائلة لقطاع إنتاج الغذاء المتضرر بالفعل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!