تضارب على زيت مدعوم هل سيبقى اللبنانيين هكذا

لم يشهد لبنان منذ المجاعة الكبرى في 1915 خلال الحرب العالمية الأولى على مشهد تضارب وتقاتل علىسلعة غذائية مدعومة كالزيت او علبة حليب، وهو ليس مشهدا فريدا، بل يتكرر يومياً وفي مختلف المناطق، وله تفسيراته في الطب النفسي.

فمنذ حوالى عام ونصف العام، يعاني لبنان من أزمة رباعية الأبعاد: سياسية وصحية ونقدية ومالية. أمام هذا الواقع، يخوض اللبناني يومياً معركة وجودية في البحث عن أبسط متطلبات العيش الكريم، يضع خططاً لتسيير أموره فيستيقظ في اليوم التالي على واقع أكثر تأزماً.

نقص حاد في السلع الاساسية، لا أدوية، لا أسرّة في المستشفيات، لا أمن، لا كهرباء، وهي جميعها “لاءات” منقولة عن لسان الرؤساء والوزراء، أي اعترافات رسمية بالفشل والمخاطر على كل الأصعدة.

وسط كل هذه الإنهيارات والتخبطات والمخاطر الآنية، لا بد من الإضاءة على التحديات النفسية التي يعيشها اللبناني، فكيف يفسر الطب النفسي المواجهات الحادة التي تحصل في السوبرماركت والصيدليات؟ ما هي تداعيات هذه الأزمة على البنية النفسية للمواطن اللبناني؟ وكيف يمكن مساندة اللبناني أقله معنوياً كي يظل متماسكاً؟

يجيب الطبيب انطوان سعد، وهو اختصاصي في علم الدماغ السلوكي، أن تفسير الطب النفسي لهذه المشاهد يكمن في غريزة البقاء البشرية، التي قد تحول الناس الى أشخاص أكثر شراسة في محاولة للإستمرار والإستحواذ عما يجعلهم قادرين على البقاء على قيد الحياة.

ويضيف: “اللبناني الذي يريد الحصول على قوته اليومي قد يتحول الى شخص أكثر عنفاً من أجل تحقيق الهدف، علماً أن المرحلة الثانية من الإستشراس تكمن في التفكير نحو تدفيع المسؤولين عن المعاناة الذي يعيشها الثمن”.

الخبر السيئ أنه كلما ازداد الوضع سوءاً وزاد الحصار والضغط على المواطن، سوف نشهد على سلوكيات أكثر عنفاً، فردة الفعل توازي مستوى المعاناة التي عايشها الشخص، أي بمعنى، كلما نقص الضغط تكون ردة الفعل أخف والعكس صحيح، بحسب سعد.

هل هناك من تداعيات أكثر سلبية للازمة السياسية والإقتصادية في لبنان، والتي تزامنت مع أزمة صحية عالمية كفيروس كورونا، على المستوى المجتمعي؟ هل الإنفجار المجتمعي أصبح قريبا؟ يجيب الطبيب سعد بالتأكيد والتحذير من هذا الامر،

ويشرح: إن الشرارة حين تبدأ تكون النتيجة منقسمة الى احتماليْن: الاولى إما إطفاها أو إشعالها، وبالتالي، إن لم تنته الازمة أو أقله تضمحل، فإننا قد نشهد على ارتفاع معدلات الجرائم من قتل وسرقة وغيرها..

ويلفت سعد الى أمر هام، وهو ارتفاع معدلات المرضى الذين يحتاجون الى علاج نفسي بسبب الأوضاع الإقتصادية والمعيشية في لبنان، مؤكداً من دون الغوص في الارقام أن النسبة كبيرة.

ينقسم اللبنانيون في ردة فعلهم الحالية الى حالتيْن: البعض يعيش حالة إنكار كردة فعل رافضة للواقع المأزوم فيما آخرون باتوا معرضين لاضطرابات نفسية قد تتحول مع استمرار الأزمات الى أمراض عصبية مزمنة، ما هي النصيحة التي توجهها الى المواطنين؟

يشير الطبيب سعد الى أن “الحل الوحيد والنصيحة المثلى لكل المواطنين تكمن في تعزيز الوعي الذاتي، الذي سوف ينير عقله ويوجهه نحو التصرفات الصحيحة والطريق المنشود. اما النصيحة الثانية فهي في التفكير في هدف، فحين نصل الى قعرالوادي، علينا أن نفكر في البدء في صنع حياة جديدة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!