حـــــرب المازوت الباخرة الإيـــــرانية تثير انقـــــساماً لبنانياً فهل تهـــــدد الحكومة

على وقع استمرار الاتصالات في ملف تشكيل الحكومة، مع البيانين اللافتين للمكتبين الإعلاميـــــين لكل من رئيس الجمـــــهورية ميشال عون ورئيس الحـــــكومة المكلف نجيب ميقاتي، واللذين حافظا على منسوب الإيجابية،

 

بعيدًا عن كلّ الفبـــــركات والتـــــسريبات، انشغل اللبنانيون خلال الساعات الماضية بسجالٍ من نوع آخر، محوره “الباخرة الإيرانيـــــة”.
هكذا، لم يمرّ خطاب الأمـــــين العام الحـــــزب الذي أعلن فيه عن “إبحار” باخرة إيـــــرانية محمّلة بأطنانٍ من المحـــــروقات إلى لبنان،

 

على أن تتبعها سفن أخرى، مرور الكرام، في ظلّ أزمـــــة المحـــــروقات التي يبدو أنّها تتفاقم،

 

وهو ما تجلّى في الساعات الماضية مع الإقفال “القسريّ” لعدد من محطات الوقـــــود، واضطرار الكثير من القطاعات الحيوية إلى الإقفال بسبب نفـــــاد مادة المازوت.

 

ولعلّ اللافت في خطاب نصـــــر الله، والذي استجلب الكثير من ردود الفعل في العديد من الأوساط الســـــياسية، تمثّل في “التصـــــعيد” الذي لجأ إليه،

 

من خلال اعتبار السفينة الإيرانيةـــــ الآتية والمنتظَرة “أرضًا لبنانيّة” سلفًا، مع ما ينطوي على ذلك من إضفاء لمنطق “الســـــيادة” عليها،

 

استباقًا ربما لأيّ محاولة لضربها أو استهدافها في البحر، من قبل الأميركيـــــين أو الإسرائيـــــليين، وهو ما قال نصـــــر الله غمزًا إنّه سيكون له “بالمرصـــــاد”.
“إعلان حـــــرب”

 

سريعًا، انقسم اللبنانيون حول “إعلان” الســـــيد نصـــــر الله، ومفاعيله وتداعياته على الواقع العام، بين من اعتبره “بشرى سارة”،

 

مرحّبًا بأيّ باخرة محـــــروقات تأتي بـ”الفرج” وتنهي “الكابـــــوس” المستمرّ على خط المحـــــروقات،

 

بمُعزَلٍ عن مصـــــدرها، ومن رأى في هذا المنطق “خطورة مطلقة”، خصوصًا أنّ من شأنه تعريض لبنان الرسميّ لعقـــــوبات، وكأنّ ما فيه لا يكفيه.
بالنسبة إلى خصوم “الحـــــزب “،

 

فإنّ مثل هذه الخطوة “غير محسوبة” لا في الشكل والمضمون، خصوصًا أنّ أحدًا لم يستبقها بطلب “إعفاء” لبنان من العقـــــوبات الأميـــــركية،

 

كما فعلت العديد من الدول، بل أرفِقت على النقيض من ذلك، بما يشبه “إعلان الحـــــرب” الذي قرئ خلف كلمات نصـــــر الله، بما يشبه “التحدّي” للـــــولايات المتحدة،

 

وهو ما يزيد برأي هؤلاء الطين بلّة، لأنّ المطلوب في هذه المرحلة “كسب ودّ” المجتـــــمع الدولـــــي، لا إعلان “الطلاق” معه.

 

ومع أنّ الكثيرين من هؤلاء يؤيدون سيد الـــــحزب  في ما ذهب إليه لجهة أنّ أزمـــــة الوقـــــود قد تكون “مفتعَلة” في الكثير من جوانبها،

 

وأنّ المطلوب فضح “المحتكرين” ومحاربتهم، فضلاً عن محاسبتـــــهم بأقصى السبل المتاحة، لعلّهم يكونون “عبرة لمن يعتبر”،

 

إلا أنّهم يعتبرون أنّ المواجـــــهة لا تكون بأن “يفتح” كل طرف “على حسابه” كما فعل “الحـــــزب “، وهو “المتهَـــــم” أصلاً، كما يقولون، بتعميق الأزمـــــة من خلال “تهريب” الوقـــــود إلى سوريـــــا.
“إجماع وتضامن وطـــــني”!

 

في المقابل، يستغرب “المتحمّسون” لإعلان نصـــــر الله منطق “المعارضين” الذين لم يبدوا “الحماسة” نفسها برأيهم، لموجات “إذلال” اللبنانيين التي لم تنتهِ فصولها أمام محطات المـــــحروقات،

 

حيث بات اللبنانيون يقضون كلّ ساعات نهارها بانتظار بعضٍ من الوقـــــود الذي يسمح لهم بالتنقّل،

 

ولو بالحدّ الأدنى، فيما باتت قطاعات كثيرة في مهبّ الريح، ومن بينها مستشـــــفيات ومخابز وغيرها باتت مهدَّدة بصورة جدّية.

 

ويعتبر المتحمّسون أنّ هذا الواقع ينبغي أن يجعل وصول الوقـــــود، من أيّ جهةٍ كان، وبمُعزَل عن كلّ التعـــــقيدات القانونـــــية وغير القانـــــونية، محلّ إجماع وتضامن وطني، بدل أن يصبح مادة سجالية كما حصل،

 

وهم يسجّلون في الوقت نفسه على “المعارضين” ما يعتبرون “انقـــــلابًا” في موقفهم من “السخرية” من تأخّر وصول الباخرة الإيرانيـــــة الموعودة، إلى “التهويل” بالويل والثبور وعظائم الأمور في حال وصولها.

 

وبين هؤلاء وأولئك، يخشى كثيرون أن تهـــــدّد الأزمـــــة المستجدة ملفّ تأليف الحكومة، الذي بات واضحًا أنّه يتأثّر إيجابًا وسلبًا مع كلّ ما يدور حولها،

 

وقد تؤدي الأجواء “السلبـــــيّة” التي أحدثتها السجالات الإعلامية والسيـــــاسية إلى “تجميده”.

 

إلا أنّ المعنيّين ينفون أي رابط بين الأمرين، ويؤكدون أنّ التواصل مستمرّ بين الرئيـــــسين عون وميقاتي للوصول إلى “الخاتمة السعيدة”، علمًا أنّ أيّ أزمـــــة تحصل يفترض أن “تعجّل” بالاتصالات الحكوميّة، وليس العكس.

 

مع كلّ سجال وأزمـــــة جديدة تشهدها البلاد، يتأكّد شيء واحد، وهو أنّ تشكيل الحكومة يجب أن يتقدّم على كلّ ما عداه، وبمُعزَلٍ عن كلّ التفاصيل والتعقـــــيدات.

 

لا نقاش في أنّ الحكومة هي المَدخَل لكلّ الحلول، من العلاقـــــة بين المكوّنات اللبنانية نفسها، إلى العلاقة مع المجتمع الدولـــــي، مرورًا بفرض السيـــــادة والقانـــــون.

 

ولعلّ الأوْلى من الالتهاء بنقاشات لا طائل منها، الذهاب إلى تسهيل مهمة الرئـــــيس المكلف، بالفعل لا بالقول!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!