رسالة من قيادة المعارضة في إدلب..

حماسُ و”الرافضة”.. أسئلةٌ كاشفة!
معَ كلِّ ما تَغَصُّ بهِ قلوبُنا من الألمِ والحزنِ الذي يُفسدُ في كلِّ مرةٍ فرحتَنا بهلاكِ “رؤؤسِ الإجرامِ” في «مِحورِ المقاومةِ» إثرَ تعزيةِ «حماسَ» فيهِم، فإننا من بابِ الإنصافِ نَقول:

إن حماسَ -رغمَ كلِّ ما يُؤخذُ عليها من مَّواقفَ واختياراتٍ سياسيةٍ- كانتْ ولا تَزالُ -بفضلِ اللهِ- ممثلةَ أهلِ السنةِ والجهادِ في فلسطين، وإن غزةَ بل فلسطينَ كلَّها من شمالِها إلى جنوبِها، ومن بحرِها إلى نهرِها لا تَملكُ قوةً عسكريةً خِدْميةً دينيةً سياسيةً تُوازيها أو تُقاربُها في الكفاءةِ والقُربِ من الحقِّ والقيامِ بالمقاصدِ الشرعيةِ في الإصلاحِ والجهاد..

والواجبُ ألَّا نَكونَ عَونًا لِّلشيطانِ على إخوانِنا بتحميلِهم جَريرةَ تخاذُلِ الأمةِ عن نُّصرتِهم، فحالةُ غزةَ حالةٌ خاصةٌ بينَ الساحاتِ الجهادية، بل حالةٌ استثنائيةٌ جدًّا لَّا يُماثلُها شيءٌ في العالمِ كلِّه!، وقد أبيحتْ لهم «مَّيْتةُ السياسةِ» منذُ أمدٍ طويل، ولا يُكلِّفُ اللهُ نفسًا إلا وُسْعَها..

ونحنُ -رغمَ الغُصةِ والألمِ- نُحسنُ الظنَّ بإخوانِنا، ونَلتمِسُ لهمُ العذرَ لثِقتِنا بدينِهم وإخلاصِهم وانتمائِهم لأمتِهم رغمَ كثرةِ المواقفِ المؤذية، والتي -معَ مرارتِها- لا تَعدو كونَها حِبرًا على ورقٍ أمامَ الواقعِ الذي تَشهدُ بهِ غزةُ وشعبُها، بلِ الذي تَشهدُ بهِ حتى حماسُ نفسُها!

• فهل رَّأيتم كتيبةً أو معسكرًا أو مهرجانًا لَّها سُمي -ولَو من بابِ المجاملةِ- باسمِ واحدٍ مِّن هؤلاءِ القتَلة؟!

• هل رَّأيتم جماعةً أو مؤسسةً تَنشَطُ في نشرِ التشيُّعِ تحتَ رعايتِها؟!

• بل هل رَّأيتم قائدًا أو جنديًّا فيها يَتبنى مذهبَ الرافضةِ ويدعو لهُ أو يدعمُهُ ولو من بابِ المُداراةِ والسياسة؟!

إننا نَنسى وللأسفِ أنَّ الانتصاراتِ والإنجازاتِ العسكريةَ والأمنيةَ لحماسَ -والتي نَفخرُ بها في مواجهةِ الاحتلالِ- كان ثمنُها هذهِ البياناتِ التي نَستنكرُها عليها!، وإلا فمِن أينَ لها بالمالِ الذي هو عصبُ الحياةِ في البيئةِ الطبيعية، فكيفَ بأرضٍ مُّحاصرةِ برًّا وبحرًا وجوًّا منذ 14 سنة!، ولا تَبلغُ مِساحتُها كاملةً إلا 5% تقريبًا من مِّساحةِ إدلب!، وليسَ لها عشرُ معشارِ دخلِها!، من أينَ لها بالأسلحةِ والأدواتِ العسكرية؟!، من أينَ لها بالخِبْراتِ والتدريبِ للتصنيعِ والتطوير؟!، هل فكَّرَ المنتقدونَ لها كيفَ استطاعت بناءَ نَواةِ «جيشٍ إسلاميٍّ مُّتكاملٍ» مِّن العدمِ في ظروفٍ لَّا تُصدَّق؟!، هل جاءَ كلُّ ذلكَ منَ العدم؟!، أم أنَّ إيرانَ -شئنَا أم أبَينا- هيَ التي استغلَّت حاجةَ هؤلاءِ ودعمَتهُم لتلميعِ نفسِها ومشروعِها الرافضيِّ في المِنطقة؟!

ثمَّ لِنفترضْ أنها امتنعَت عن إصدارِ «بياناتٍ إلكترونيةٍ» تُرضي بها إيرانَ مقابلَ الدعمِ الماليِّ والعسكري، فمَا البديلُ المطروح؟!، هل في الأمةِ منَ الحكوماتِ العميلةِ من يُّعوِّضُ هذا الدعم؟!، بل هل في الجماعاتِ الإسلاميةِ والجهاديةِ وأتباعِها من المؤمنينَ بوِحدةِ الأمةِ وقضاياها مَن يُّمكنُ أن يُّخاطرَ ويضحيَ ببعضِ مَواردِهِ في دعمِ هذا الثغرِ المبارك؟!

إنَّ من لَّا يُدرِكُ قدرَ العَنَتِ الذي تَمرُّ بهِ حماسُ في سبيلِ حفظِ آخرِ ثغرٍ جهاديٍّ في فلسطينَ لَن يَّلتمسَ لها الأعذار، وسيَرى في كلِّ بيانٍ وَّموقفٍ دليلًا على انحرافِ الجماعةِ وغرَقِها في «التشيُّعِ السياسي»، لكنهُ معَ ذلكَ لن يَّجدَ دليلًا وَّاحدًا على الأرضِ يَشهدُ بممارسةِ حماسَ للتشيعِ عن قناعة، أو سكوتِها عنهُ أو دعمِها له في غزةَ أو خارجَها، وما «حركةُ الصابرينَ» ببعيد، ودُونَكم شبابَ وحاضنةَ حماسَ فاسألوهم عن رَّأيِهم في لُقطاءِ مِحورِ المقاومة، بل دُونَكم أنشطةَ حماسَ والقسامِ الرسميةَ التي وقفَت معَ قضايا المسلمينَ من أهلِ الشامِ وغيرِهم، ومعَ ذلكَ لا يوجدُ نشاطٌ رَّسميٌّ وَّاحدٌ يُّعدُّ تأييدًا صريحًا لدينِ الرافضةِ أو لإجرامِهم بحقِّ أهلِ السنة، فأيُّهما أبلَغُ في التعبير، الفعلُ أمِ الكلام؟!

وختامًا فليسَت هذهِ دعوةً لِّلسكوتِ عن مُّنكَرِ الركونِ إلى الظالمين، ومعَ ذلكَ فلا بدَّ منِ استصحابِ القواعدِ الشرعيةِ في معالجةِ النوازلِ كنازلةِ غزةَ وما يَجوزُ لأهلِها مِمَّا يَحرُمُ على غيرِهم، ومن ذلكَ قاعدةُ: ارتكابِ أخفِّ الضررَينَ لدَفعِ أعلاهُما، و: الضروراتُ تُبيحُ المَحظورات، و: ﴿إلا مَن أُكرِهَ وقلبُهُ مطمَئنٌّ بالإيمان﴾، والشرعُ جاءَ بتحصيلِ المصالحِ وتكميلِها، ودفعِ المفاسدِ وتقليلِها بحسبِ الإمكان، وليسَ من أرادَ الحقَّ فأخطأهُ كمَنْ أرادَ الباطلَ فأصابَه، وإذا عُرفَ السببُ بطَلَ العجب، والإنكارُ على المخطئِ المتأوِّلِ ليسَ كالإنكارِ على غيرِه..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!