هذا ما فعله ال facebook بنا

على مدى ما يقارب الست ساعات عاشت شعوب الأرض قاطبة أسوأ كابوس في حياتها العصرية، بغضّ النظر عن مساوىء فايـــــروس “كورونـــــا”،

 

الذي لا يزال يشكّل تهديـــــدًا حقيقيًا لجميع سكّان الأرض، على رغم الإجراءات الوقائية المتخذة لمكافـــــحته والحدّ من إنتشاره.

 

ما حصل أمس الأول أن خدمة “الفايسبوك”، ومعها “انستغرام” و”الواتساب” توقفت من دون سابق إنذار، مما أحدث بلبلة عالمية على مستوى الكرة الأرضية قاطبة.

 

وهذا الأمر إنعكس في شكل سلبي على الكثير من المصالح المرتبطة إرتباطًا وثيقًا بما تقدّمه هذه الوسائط من خدمات عامة، أقّله بالنسبة إلى سهولة التواصل المجاني بين مختلف شرائح المجتمع.

 

ما حدث، وهو يحدث للمرة الأولى على هذا المستوى العالمي، كشف أمورًا عدّة يُفترض التوقّف عندها، بسلبياتها وإيجابياتها، وذلك إنطلاقًا من تحليلات موضوعية وغير منحازة لأي نظرية في المطلق،

 

مع العلم أن كثيرين من الخبراء المختصّين بعالم التكنولوجيا وتقنيات الإتصال والتواصل كانت لهم آراء مختلفة حول الأسباب والنتائج.

 

أمّا من ناحية مقاربة الموضوع من جوانبه الإجتماعية والنفسية فإن الأمر يستأهل التوقّف عند مظاهر هذا التطور التكنولوجي،

 

وتحليل ما له وما عليه، وما تركه من بصمات على السلوك البشري، الذي أصبح مغايرًا، شكلًا ومضمونًا، عمّا كانت عليه الحال قبل هذه الثورة التكنولوجية.

 

بالنسبة إلى الإيجابيات يمكن القول، أولًا، إن هذا التطور قلّص المسافات بين الدول وإختصر الوقت، بحيث أصبح التواصل أكثر سهولة من ذي قبل،

 

وبأقل كلفة ممكنة، الأمر الذي أحدث واقعًا عالميًا جديدًا تحكمه العولمة، وقد أصبح الكون بأسره قرية كونية صغيرة.

 

ثانيًا، كشف هذا العطل التقني أهمية سهولة التواصل بين البشر على أي بقعة وجدوا فيها على الكرة الأرضية، التي أصبحت محكومة بأنظمة دقيقة ومنظّمة.

 

أمّا بالنسبة إلى السلبيات، فإن كثيرين يرون في هذا التطور التكنولوجي نوعًا من سيطرة كاملة لمنظومة عالمية تُخضع جميع البشر لآليات مدرجة تحت مظلة هيمنة بعض الشركات الكبرى للمجموعات البشرية،

 

التي أصبحت حياتها مرتبطة حكمًا بهذه المنظومة، التي يتهمّها البعض بأنها مرتبطة بمشاريع سياسية كبرى لها عقائدها ومشاريعها وأهدافها وإرتباطاتها.

 

هذا على مستوى الرؤية الشاملة للموضوع. أمّا في ما يتعلق بما تمّ تداوله على صعيد ما تركه هذا الأمر من سلبيات ومن إيجابيات في الوقت نفسه على مستوى التعليقات المباشرة، وبالأخصّ في لبنان، فإن للموضوع مناحي مختلفة.

 

أولًا، إعتبر كثيرون أن مصالحهم قد تضررت بمجرد توقّف خدمة “الواتساب”، خصوصًا بالنسبة إلى التواصل السهل بين الداخل والخارج، بحيث لم يعد في إستطاعة بعض المستفيدين من هذه الخدمة مدّ حديث له أول وليس له آخر،

 

متناولين كل المواضيع من أزمة الشرق الأوسط والملف النـــــووي الإيرانـــــي وصولًا إلى الوضع الداخلي في لبنان، فضلًا عن صبحيات فنجان القهوة بواسطة “الفيديو كول”.

 

من دون أن ننسى بالطبع صور المعجبين والمعجبات بـ “شبوبيتهم”، والذين يعرضون صورهم على “الفايسبوك” و”انستغرام” كيفما تحرّكوا وأينما كانوا.

 

وحدهم الذين فرحوا لتعطّل خدمة “الواتساب” أشخاص من بينهم من تربطني بهم صداقة قديمة ومحبة كبيرة، لأنهم إستطاعوا أن يريحوا أعصابهم، ولو لفترة ساعات،

 

من “الواتسابات” الكثيرة، التي تردهم من أشخاص لا “شغلة ولا عملة” لديهم سوى تمضية الوقت على “الفايسبوك” و”إنستغرام” و”الواتساب”، مع ما يشكّلونه من إزعاج متواصل، وهم بالطبع لا يقصدون ذلك.

 

أيًا تكن الأسباب التي أدّت إلى هذا العطل فإن ما نتج عنه كشف هشاشة النظام المتّبع حاليًا، والمتحكّم بكل تفاصيل يوميات مليارات من البشر على مستوى الكرة الأرضية قاطبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!