هكذا يتعامل اللبنانيون مع الغلاء.. وتجار: أوشكنا على الإفلاس

تزدادُ الأوضاعُ المعيشية في لُبنانْ سوءاً، وسْطَ انهيارٍ اقتصادي متسارع يجتاح البلاد، وتفاقم أزمة السيولة، واستمرار ارتفاع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية الأساسية.

 

وتشهد البلاد منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر حراكا شعبيا غير مسبوق ضد الطبقة السياسية كاملة التي يتهمها المتظاهرون بالفساد ويحملونها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي، ويعتبرون أنها عاجزة عن إيجاد حلول للأزمة.

 

ويجد آلاف اللبنانيين أنفسهم اليوم مهددين بخسارة وظائفهم، فيما تعمد مؤسسات عديدة إلى اقتطاع قسم من الرواتب.

 

وتفرض المصارف منذ أشهر إجراءات مشددة على سحب الأموال، وخصوصا الدولار، ولا يستطيع المواطنون سحب سوى قسم محدود من رواتبهم الشهرية.

 

وفي بلد يعتمد على الاستيراد بشكل أساسي، ومع عدم توفر الدولار وظهور سوق مواز لسعر الصرف، ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية، وخصوصا المستوردة منها، بشكل حاد.

 

وشكا تجار لبنانيون من تراجع غير مسبوق في حجم مبيعاتهم بسبب الأزمة الاقتصادية مؤكدين أن استمرار تدهو الأوضاع المالية والمعيشية قد يدفعهم إلى الإفلاس خلال فترة قصيرة.

 

وقال وجيه زخور الذي يمتلك معملا ناجحا لصناعة الشوكولا، إنه بدلا من أن يجني الأرباح في فترة عيد الميلاد كما في كل عام، فإنه اضطر لتخفيض أسعار كعك العيد المصنوع من المثلجات والذي يشتهر به معملهم.

 

“على وشك الإفلاس”

 

وقبل الأزمة، كان زخور يرسل للفنادق طلبين أو أكثر أسبوعياً وبكميات كبيرة، إلا أنه منذ شهرين لم يرسل سوى طلبية واحدة لكل فندق. كما أن الزبائن الذين اعتادوا على زيارة المحل لم يعودوا يقصدونه إلا في ما ندر. وبات يومه يمر ببطء، فيما يدخل أول زبون الى المتجر بعد أن يكون انقضى أكثر من نصف النهار.

 

ويستورد زخور كل المكونات التي يحتاجها في عمله من الخارج، ويدفع سعرها بالدولار أو اليورو. أما اليوم، ونتيجة إجراءات المصارف، فلم يعد بإمكانه تأمين العملة الأجنبية لدفع مستحقاته.

 

وأشار إلى أنه “حين تنفد المكونات المطلوبة لصناعة أحد الأصناف، ينتهي الأمر” دون تجديده، مضيفا أنه “إذا بقي الوضع على حاله، سأفلس خلال أشهر”.

 

على غرار زخور، يعاني لبنانيون كثر من انهيار الوضع المالي والاقتصادي، ومنهم من اضطر إلى إغلاق مصدر رزقه ومنهم من تعرّض للصرف من عمله. وقد تقدمت عشرات الشركات لوزارة العمل بطلبات صرف جماعي.

 

إزاء هذا التدهور، فكّرت معلمة الحضانة ليا كريدي وعائلتها بحلّ، وتقدمت بمبادرة تقضي بالترويج للمنتجات اللبنانية.

 

وأطلقت العائلة حملة على موقع “فيسبوك” بعنوان “صنع في لبنان- نبض لبنان صناعته” لمساعدة المنتجين المحليين على الترويج لبضائعهم.

 

وخلال شهرين فقط، استقطبت الصفحة 32 ألف عضو، يعرض كثيرون منهم منتجات مصنعة محلياً أو حتى منزلياً، ويسأل آخرون عن بضائع محلية بديلة عن منتجات معينة كانوا يشترون عادة المستورد منها.

 

“صنع في لبنان”

 

وتقول كريدي لفرانس برس “كنا معتادين إذا ذهبنا إلى السوق أن نشتري من دون أن ننظر في ما إذا كان المنتج صنع في لبنان أو لا”.

 

وخلال جلسة عائلية، اتفقت مع أقربائها على الذهاب إلى السوبرماركت للبحث عن البضائع المصنعة في لبنان، من مستلزمات تنظيف منزلية إلى الشامبو وزبدة الفستق والكاتشاب وحتى ألعاب الأطفال.

 

وتضيف كريدي، الوالدة لطفل يبلغ نحو عامين، “تفاجأت بكمية البضائع التي لم نكن نعرف عنها”.

 

وبدلاً من الذهاب إلى السوبرماركت الضخم للتبضع، فقد باتت كريدي تفضل محل البقالة الصغير في بلدتها الواقعة شمال بيروت.

 

في عيد الميلاد الحالي، ونتيجة الأزمة، اكتفت كريدي وأقرباؤها بشراء الهدايا لأطفال العائلة فقط وجميعها صُنعت في لبنان.

 

وفي متجر في بيروت، تتنقل مريم رباح (35 عاماً) من ممّر إلى آخر. تنظر بتمعّن إلى أسعار المنتجات التي ارتفعت بشكل حاد لشراء ما يلزمها من دون أن تضطر إلى إنفاق الكثير.

 

وتقول “كل شيء بات أغلى، فيما انخفضت رواتبنا إلى النصف”.

 

وتضيف “ما يهمنا اليوم هو أن نشتري منتجاً جيداً ورخيصاً، إن كان مستورداً أو لبنانياً”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!