في موسم الأعياد: ضيوف جدد على محلات البالة والشراء بـ”الكيلو”

وجوه جديدة يستقبلها سوق “البالة” في موسم الأعياد، فبعد أن حقق انتشارًا واسعًا في الآونة الأخيرة في مختلف المناطق اللبنانية بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، استحوذ السوق على عدد أكبر من الزبائن هذا العام، فمنهم الغني الباحث عن “ماركات” عالمية بأسعار أقل من ربع القيمة من مثيلاتها الجديدة، بالاضافة الى الفقير، الزبون القديم والدائم، الذي يفتش عن ملابس رخيصة له ولأولاده كي يبهج عائلته في العيد ضمن امكاناته الضئيلة.

 

تجول سحر (37 سنة) بين الملابس المستعمَلة المعلَّقة، في أحد المحال المعروفة في الضاحية الجنوبية القريبة من كنيسة مار مخايل، وترافقها ابنتها وبيدها سلة صغيرة، بعدما اشتدت الضائقة المالية على عائلتها.

سحر، هي ربة منزل من بعلبك كانت في زيارة لاقاربها في الضاحية، وقصدت سوق البالة بعد أن تعرفت عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتقول: “لم يعد بمقدورنا التبضع من المحلات العادية و”المولات” الكبيرة في الأعياد، لدي ثلاثة أولاد وأولويات أخرى مثل دفع فواتير البيت والطبابة والغذاء وغيرها، وهنا أستطيع شراء قِطَع كثيرة بمبلغ 500 ألف ليرة”.

 

وتضيف: “اخترتُ قميصًا للعيد ولم يتجاوز ثمنه 200 ألف ليرة بينما في المحلات العادية فلا يقلّ سعره عن 15 دولارًا”.

 

تسوّق الكتروني

 

لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي مجرد منصات للترفيه والاستعراض، إنما باتت وسيلة لكسب المال والتأسيس ولتجارة مربحة مع أفكار تجارية جديدة يبتكرها شبان وشابات هذا العصر.

وبعد دخول التطور التكنولوجي والعالم الإفتراضي إلى السوق التجاري، فُتحت صفحات لبيع الملابس المستعملة، ولجأ الكثير من الناس الى بيع بعض من ثيابهم التي كانوا يلبسونها ولم تعد مناسبة لهم من أجل كسب المال.

وتقول سالي، شابة صاحبة منصة لبيع الالبسة المستعملة، أن “هناك منصات مثيلات للتي لديها تبيع “البالة” للمعارف والاصدقاء فقط، وأخرى تفتح بابها للجميع مع تأمين خدمة التوصيل”.

 

أما عن الأسعار، فتشير الى أنها “تبقى أوفر بأضعاف من شراء ثياب من المولات”.

 

محلات البيع بـ”الكيلو”

 

بدأت فكرة بيع الملابس “بالكيلو” بعيد الازمة الاقتصادية لتلقى رواجًا واسعًا في ما بعد. والبداية كانت في متجر واحد، واليوم باتت المتاجر منتشرة في مختلف المناطق اللبنانية. بالإشارة الى أن هذا النوع من المحلات تبيع بالليرة اللبنانية وليست على غرار المحلات العادية التي تأبى بيع منتجاتها الا حصرًا بالدولار، وهذا ما جعل الناس يتهافتون على محلات بيع الملابس بالكيلو.

وهناك سببان رئيسيان أديا الى ازدهار هذا النوع من التجارة، الاول: البيع يكون بالليرة اللبنانية وعلى حسب وزن الثياب مع مراعاة عدم رفع السعر.

والثاني: شراء التجار لكميات كبيرة من ماركات عالمية فريدة في جودتها وتصميمها، إضافة الى “ستوكات” أوروبية بأسعار منخفضة، وهذا ما يدفعهم الى البيع بطرق تراعي وتلائم أوضاع الناس المعيشية والاقتصادية.

 

ما يعني ان هذه الملابس قد تكون ذا خامة ممتازة ومصنّعة من قبل شركاتها الأم وهي تتمتع بجودة أوروبية واميركية ذات شهرة واسعة، وتباع بأسعار منخفضة لأسباب عادية تحصل دائمًا في أسواق الألبسة مثل انتهاء صلاحية الثياب من حيث الموضة أو تراكمات لكميات كبيرة وفائض عن حاجة الأسواق، فيصار الى بيعها بجملتها للتخلص من أعبائها ولتفادي المزيد من الخسائر.

 

“البالة” آمن؟

 

تشير الدكتورة وفاء علم الدين، استشارية في الأمراض الجلدية، الى أن “ارتداء الملابس المستعملة يزيد من خطر انتقال العدوى بين الأشخاص، وعدم معرفتنا عن حال الشخص الذي كان يرتدي هذه الملابس ان كان مصابا بأي من الأمراض الجلدية أم لا”.

 

وتابعت علم الدين: “هناك الكثير من البكتيريا والميكروبات التي تظل عالقة على الملابس المستعملة بعد غسلها بالطريقة المعتادة، ما يزيد من خطورة الإصابة بالتينيا الملونة، مما يسبب في حكة بالجسم وتغير في لون الجلد”.

 

فلا بد من تعريض هذه الملابس لأشعة الشمس قبل ارتدائها، للقضاء على أكبر نسبة من الميكروبات. ونصحت بتنظيفها عبر غليها ثم كيها بالبخار، لأن درجة الحرارة المرتفعة تقضي على البكتيريا والفيروسات التي قد تصيب الجسم.

 

تاريخ البالة

 

تعود ظاهرة رواج أسواق البالة، إلى عام 1975 مع بداية الحرب، حين كانت متاجر الألبسة المستعملة منتشرة حصرًا في بعض المناطق الشعبية الاكثر فقرا، أما اليوم فانتشارها بات أوسع وأعم.

وتعتبر طرابلس من أقدم المدن اللبنانية في هذا المجال، فبالاتها منتشرة منذ خمسينيات القرن الماضي.

وتُعنى محلات البالة بأغلبها اليوم في بيع الألبسة والأحذية المستعملة المستوردة من خارج لبنان. أمّا الـ “أوتليت” ففيها الألبسة الجديدة وبماركاتها العالمية، بعضها يشوبه عيوبا في التصنيع، وبعضها الآخر تخلّصت منه الشركات العالمية حتى لا يبقى عبئا عليها في مستودعاتها، وهذا النوع يعرف بـ “ستوكات عالمية”.

في النهاية ثياب “البالة” باتت ألبسة لشريحة كبيرة من اللبنانيين لم تقف عاجزة أمام الفقر كي يتراكم ويصبح عوزًا.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!